السياسة الخارجية الروسية الجديدة تجاه الشرق الأوسط

Abstract

عند الحديث عن سياسة خارجية روسية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تكاد تجمع مواقف

الدارسين والمختصين في الشأن الروسي على أن روسيا تسعى قادمة من أجل استرجاع مكانتها

الدولية المفقودة، خاصة بعد قدوم فلاديمير بوتين إلى الحكم منذ سنة 2000، وذلك في سعيها للعب

دور إقليمي و دولي مؤثر في صنع و توجيه السياسات العالمية بما يتماشى و يخدم مصالحها المتعددة.

ولتحقيق هذا الهدف الأساسي اعتمدت على مبادئ و أولويات جديدة تتماشي و طبيعة التحولات

التي عرفها النظام الدولي، فعملت في مستوى أول على تأمين حدودها مع أوربا و آسيا في أطار

تطبيق مبدأ حماية الجوار القريب من أي تهديد يكون مصدره الغرب أوروبا أو الولايات المتحدة

الأمريكية (وضع حد لتوسيع حلف الناتو شرقا )، ثم في مستوى ثاني تحولت اهتمامات روسيا لإعادة

بسط هيمنتها في مناطق نفوذها التقليدية في الحقبة السوفييتية، وهذا نجد أن منطقة الشرق الأوسط تعد

من أبرز و أهم مناطق النفوذ ذات الأهمية الاستراتيجية و الاقتصادية والسياسية التي تسعى روسي

لإعادة بسط نفوذها عليها بعدما تراجع هذا الاهتمام في مرحلة حكم يلتسين".

فمع قدوم الرئيس فلاديمير بوتين تبلورت سياسة روسية واضحة المعالم تجاه المنطقة الشرق أوسطية، وهذا ما أعلنه في خطاباته في عدة مناسبات، لتؤكد التطورات التي عرفتها المنطقة منذ حرب العراق 2003 وصولا إلى قيام الثورات العربية منذ 2010 على صحة هذا الطرح، بحيث أبدت روسيا مواقفها الواضحة تجاه مختلف القضايا سواء في رفضها للحرب الأمريكية على العراق، أو مواقفها المتوازنة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و مساعيها في تقديم اقتراحات لحله سلميا ، بل و أصبحت طرفا أساسيا و مباشرا فرض نفسه بشكل قوي في توجيه الأحداث خاصة ما تعلق بالتطورات في الشأن السوري، بحيث تقود روسيا اليوم حلفا دوليا يقف ضد المصالح الغربية و

الأمريكية، مستخدمة في ذلك مختلف الوسائل المتاحة لديها سواءا السياسية أو العسكرية. بناءا على هذا يبقى الهدف المركزي لهذا البحث هو محاولة تجاوز النقص و المساهمة في إثراء المكتبة بمراجع أكاديمية متخصصة في دراسة الشؤون الروسية تجاه المنطقة العربية الشرق أوسطية ، لذا فمنهجية البحث ستتخذ من سياسة روسيا الجديدة في الشرق الأوسط كمتغير تابع تشكله جملة من المتغيرات المستقلة التي رسمت هذه التوجهات أهمها متغير البراغماتية (كبديل للإيديولوجية) التي تحدد من خلاله طبيعة المصالح الروسية في الشرق الأوسط و نفهم مختلف سلوكاتها و السبب في تباينها من قضية إلى أخرى.